مراسلون بلا حدود تطلق برنامجاً تدريبياً للصحفيين السودانيين حول السلامة الجسدية والأمن الرقمي
أمام التحديات التي يواجهها الصحفيون في السودان، أطلقت مراسلون بلا حدود برنامجاً تدريبياً عبر الإنترنت لتعزيز المهارات المتعلقة بالسلامة الجسدية والأمن الرقمي، حيث سيستفيد منه 12 صحفياً سودانياً اعتباراً من 9 مارس/آذار 2024.
في ظل النزاع المستمر منذ 15 أبريل/نيسان 2023، بات الصحفيون السودانيون يعملون في بيئة خطرة تهدِّد سلامتهم بشكل يومي. وفي محاولة لتشجيع الفاعلين الإعلاميين على الصمود ومواصلة تغطية الأحداث الجارية في البلاد، أطلقت مراسلون بلا حدود مبادرة هادفة من أجل تعزيز مهاراتهم فيما يتعلق بالسلامة الجسدية والأمن الرقمي، وذلك بالتعاون مع نقابة الصحفيين السودانيين.
فخلال شهر مارس/آذار الجاري، سيخصَّص تدريب عبر الإنترنت لفائدة 12 صحفياً حيث سيتيح لهم اكتساب المعارف الأساسية لحماية أنفسهم في إطار البيئة الخطرة التي يعملون بها يومياً، إذ سيغطي التدريب الجوانب الرئيسية للسلامة الجسدية والأمن الرقمي، مع الأخذ بعين الاعتبار التحديات التي يواجهها الصحفيون في مناطق النزاع، علماً أن منظمة مراسلون بلا حدود ستوفر لهم أيضاً إمكانية الوصول إلى الإنترنت لتسهيل مشاركتهم في الحصص المندرجة ضمن هذه الدورة التدريبية.
يُسعد مكتب شمال أفريقيا أن يكشف النقاب عن هذا البرنامج المبتكر الذي يشمل دورات تدريبية عبر الإنترنت والمصمم خصيصاً للصحفيين السودانيين، وذلك لتلبية الحاجة الملحة لتعزيز مهارات السلامة الجسدية والرقمية وسط التحديات والمخاطر المستمرة في السودان. فانطلاقاً من وعينا الشديد بالحاجة الملحة لتزويد الصحفيين بأدوات حيوية لحماية أنفسهم في هذا المشهد الذي يمزقه الصراع، نلتزم بتقديم متابعة شخصية ودعم فردي للمشاركين، رغم كل العقبات اللوجستية. فمن خلال تعاوننا المتين مع نقابة الصحفيين السودانيين والتزامنا الراسخ بالقضايا التي تهم الصحفيين، فإننا نأخذ على عاتقنا مهمة واضحة تتمثل في تمكينهم وتزويدهم بالأدوات التي من شأنها أن تشجعهم على الصمود والثبات، فضلاً عن تعزيز القدرات اللازمة لجعلهم يمارسون مهنتهم بأمان، بما يضمن قدرتهم على مواصلة عملهم الذي ينطوي على أهمية بالغة والمتمثل في تغطية الأحداث الجارية في السودان.
منذ ما يقرب من عام، يحاول الصحفيون السودانيون القيام بعملهم رغم الظروف المأساوية، حيث يواجهون بشكل يومي خطر الاعتقال أو الاعتداء أو حتى القتل، كما كان حال حليمة إدريس سليم، مراسلة قناة "سودان بُكرة". ذلك أنهم يتعرضون للاحتجاز بانتظام - وغالباً ما تُصادَر معداتهم المهنية أثناء اعتقالهم - كما تطالهم شتى أنواع الاعتداءات الجسدية، وكذلك التهديدات بالقتل، في سياق عدائي يتسم بتنامي خطاب الكراهية والتهديد ضد الصحفيين على منصات التواصل الاجتماعي، التي تنتشر فيها "قوائم سوداء" بأسماء الفاعلين الإعلاميين المغضوب عليهم، وغالباً ما تصاحبها دعوات باغتيال هذا المراسل أو ذاك، علماً أن الصحفيين الميدانيين يتعرضون للمضايقة بشكل متزايد ويُمنَعون من أداء عملهم بحرية. وفي هذا الصدد، أفادت نقابة الصحفيين السودانيين بأن حالات استهداف الصحفيين ومراقبتهم واقتفاء أثرهم أجبرت العديد منهم على عدم الكشف عن طبيعة عملهم لتجنب التعرُّف على هويتهم وما قد يترتب عن ذلك من تبعات وعواقب وخيمة.
تعزيز دور المدربين في مواجهة التحديات وسط بيئة شديدة الخطورة
قال أنس بنضيف، المدرب المعتمد لدى منظمة مراسلون بلا حدود، "إن الوضع المأساوي الحالي في السودان والانقطاع المتكرر لخدمة الإنترنت والتيار الكهربائي أبعد ما يكون عن إتاحة ظروف طبيعية للعمل"، مضيفاً أنه يُعيق عملية التدريب عبر الإنترنت، ومع ذلك فإنه يجب علينا التكيف مع الظروف، واتِّباع نهج أكثر مرونة يركز على المتابعة الفردية للمشاركين وإعداد مقاطع فيديو إضافية يمكن للصحفيين الوصول إليها إذا لم يتمكنوا من حضور حصة تدريبية ما".
هذا وقد بذلت مراسلون بلا حدود كل الجهود الممكنة لتهيئة الظروف المثلى لنجاح هذا البرنامج التدريبي، وذلك من خلال تخصيص المدربين اللازمين لهذا الغرض وتوقيع عقود لضمان الوصول إلى خذمة الإنترنت، وذلك بالتنسيق مع نقابة الصحفيين السودانيين، رغم الوضع السائد حالياً في السودان، والذي يطرح العديد من المشاكل الملموسة، إذ تواجه عدة مدن سودانية انقطاعاً متكرراً في التيار الكهربائي، يستمر عدة أيام في بعض الأحيان، علماً أن خدمة الإنترنت ليست أفضل حالاً في هذا السياق. وأمام هذا المناخ الذي يزداد صعوبة يوماً بعد يوم، تهدف مبادرة مراسلون بلا حدود إلى تمكين المدربين من إحداث تأثير مهم وتعزيز سلامتهم الشخصية في سياق حرب أهلية مستعرَّة، إذ يساعد على إعداد مدربين أكفاء وقادرين على التعامل مع الصعاب والتحديات التي ينطوي عليها الوضع الحالي، مع ضمان بيئة أكثر أماناً للصحفيين في السودان.