بينما تواصل كندا التزامها الراسخ بحماية واحترام حرية الصحافة على المستوى الدولي، لا يزال أمامها أشواط لإحراز مزيد من التقدم، لا سيما فيما يتعلق بالتغطية الإعلامية لحقوق السكان الأصليين والمنازعات على ملكية الأراضي.
المشهد الإعلامي
باعتبارهما أكبر صحيفتين في كندا، تحظى ذي غلوب آند ميل وناشيونال بوست بانتشار واسع في البلاد. أما الهيئة العامة للبث الإذاعي والتلفزي، الممولة من دافعي الضرائب، فهي أكبر مؤسسة على مستوى القطاع السمعي البصري في كندا، حيث تُنتج ساعتين من الأخبار يومياً – ساعة مخصصة للأحداث المحلية وأخرى للشؤون الوطنية – كما لديها قناة إخبارية تبث على مدار الساعة. وتشمل المنابر الإعلامية الأخرى مجموعة من الصحف المحلية وقنوات البث التلفزي عبر الكابل، فضلاً عن مواقع إلكترونية ومحطات إذاعية، علماً أن خمس شركات فقط تمتلك أكثر من 80٪ من وسائل الإعلام الكندية.
السياق السياسي
عموماً، لا تخضع وسائل الإعلام الكندية لضغوط من السياسيين أو الأحزاب أو الحركات السياسية. صحيح أن الهيئة العامة للبث الإذاعي والتلفزي مملوكة للدولة، إلا أنها تظل مستقلة في سير عملها، حيث أقرت الحكومة علناً في هذا الصدد بأن "حرية الإعلام تلعب دوراً رئيسياً في المجتمعات الديمقراطية، وتظل ضرورية لحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية".
الإطار القانوني
أظهرت كندا مراراً التزامها بصون حرية الصحافة، لا سيما من خلال قوانين تهدف إلى حماية الصحفيين ومصادرهم. لكن في بعض المناسبات، تم اعتقال صحفيين بينما كانوا يغطون مظاهرات احتجاجية، لا سيما تلك المتعلقة بحقوق السكان الأصليين واستغلال بعض الأراضي. ففي عام 2021، تم القبض على الصحفية المستقلة أمبر براكن أثناء تغطيتها مظاهرة احتجاجية على خط أنابيب للغاز الطبيعي في شمال كولومبيا البريطانية. كما اعتقلت شرطة إدمونتون الصحفي براندي مورين في مطلع 2024 أثناء تغطيته لتدخل أمني ضد مخيم للمشردين. وتشكل هذه الاعتقالات والاتهامات ضد الصحفيين سوابق خطيرة قد يكون لها تأثير مهول على الصحافة في كندا.
السياق الاقتصادي
يُسجَّل تراجع في مبيعات الصحف المطبوعة منذ أكثر من 10 سنوات، وقد تفاقمت وتيرة هذا الانخفاض مؤخراً بسبب أزمة كوفيد-19. صحيح أن القطاع عرف كيف يستفيد بسلاسة من الإعلانات والاشتراكات عبر الإنترنت، لكن الانخفاض في الإيرادات ترتب عنه إغلاق بعض المنابر ذات الإمكانيات المحدودة. هذا وتدعم الحكومة الكندية وسائل الإعلام المحلية بقوة من خلال مبادرة تمويل مخصصة لتلك التي توظف الصحفيين. وفي عام 2023، أعلنت هيئة الإذاعة العامة الكندية (CBC) أنها ستخفض حوالي 10% من موظفيها، كما أعلنت مجموعة TVA الاستغناء عن قرابة ثلث موظفيها.
السياق الاجتماعي والثقافي
رغم أن الكنديين يؤكدون أنهم مازالوا يثقون في الصحافة، إلا أن هذه الثقة قد تراجعت مع الوقت.
الأمن
في كندا، يمكن للصحفيين العمل في أمان بشكل عام. ومع ذلك، فإن أولئك الذين يغطون مظاهرات الحركة الاحتجاجية ضد لقاح كوفيد-19، تطالهم تهديدات بالقتل كما يتعرضون للبصق والمضايقات والاعتداءات الجسدية واللفظية. وفي هذا السياق، تحطمت نافذة سيارة تابعة لإذاعة كندا الوطنية. ذلك أن المضايقات عبر الإنترنت تشكل تهديداً حقيقياً، لا سيما على الصحفيين من النساء والأقليات.