رغم قلة عدد سكان الجبل الأسود (620.000)، يزخر البلد بأكثر من 150 وسيلة إعلام رسمية، بما في ذلك ثلاث صحف يومية وخمسة هيئات للبث السمعي البصري – على رأسها الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون - ووكالة أنباء وطنية، علماً أن ثلاث محطات من أصل المحطات التلفزيونية الخمس التي تؤثث المشهد الوطني مملوكة جزئياً أو كلياً لرأس مال أجنبي، وخاصة لشركات من صربيا المجاورة.

باستثناء بعض الفترات المتقطعة، ظلت جمهورية الجبل الأسود في آخر 30 عاماً تحت حكم الحزب الشيوعي السابق، الذي شن أعضاؤه حملات شرسة ضد وسائل الإعلام المستقلة والصحفيين المستقلين. وبعد هزيمة هذا الحزب لأول مرة في عام 2020، تراجعت وتيرة الضغوط والهجمات الحكومية على الصحفيين إلى حد ما. لكن السلطات الحاكمة الجديدة تحاول باستمرار فرض سيطرتها على بعض الصحفيين ووسائل الإعلا، كما يُخشى أن يؤثر المُلاك الأجانب لقنوات معينة على السياسات التحريرية لخدمة مصالح الحكومات الأخرى - الصربية على سبيل المثال - أو مصالح التيارات السياسية التي يراهنون عليها في الساحة المحلية.

حرية التعبير مكفولة في الجبل الأسود، بينما لا يندرج التشهير في الإطار الجنائي. ورغم التغييرات التي طرأت على الإطار القانوني في السنوات الأخيرة، لا تزال هناك ثغرات على مستوى حرية الوصول إلى المعلومات العامة وسرية المصادر، مما يسفر ضعف الحماية الموفرة لاستقلالية وسائل الإعلام في مواجهة الضغوط الاقتصادية والسياسية – التي تطال الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون، رغم اعتماد أحكام قانونية جديدة في عام 2020.

بصفتها المصدر الرئيسي للإعلانات، وزعت الدولة في العقود الأخيرة معظم أموالها على وسائل الإعلام "الموالية" للحكومة. وبينما يتم تمويل الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون والمحطات العامة المحلية من ميزانية الدولة بشكل أساسي، فإن وسائل الإعلام الخاصة تخضع إلى حد كبير لتأثير المعلنين وتقلبات السوق. وبعد العواقب الاقتصادية الكارثية لأزمة كوفيد-19 على وسائل الإعلام، حظيت هذه الأخيرة بدعم مالي من الحكومة، لكن تبين أنه غير كافٍ لضمان استدامتها.

يعاني مجتمع الجبل الأسود من انقسامات عرقية ودينية وسياسية عميقة، إلى جانب ثقافة سياسية سلطوية موروثة من الماضي. وفي هذا السياق الصعب، غالباً ما تُتهم وسائل الإعلام بالعمل لمصالح أجنبية وخيانة الوطن أو الكنيسة، علماً أن سياسيين من الحزب الحاكم والمعارضة غالباً ما يشنون حملات ضد الصحفيين المهنيين.

تم حل جل القضايا المتعلقة بالاعتداءات على الصحفيين التي حدثت خلال العام المنصرم. لكن بالنسبة للاعتداءات التي طالتهم في الماضي، فقد ظل الكثير منها بلا عقاب، رغم وعود الحكومة التي وصلت إلى السلطة في عام 2020. ويتعلق الأمر على الأخص بمقتل رئيس التحرير دوسكو يوفانوفيتش ومحاولة اغتيال الصحفي الاستقصائي أوليفيرا لاكيتش. أما الصحفي الاستقصائي جوفو مارتينوفيتش فقد تمت تبرئته أخيرًا في 2023، بعد محنة قضائية دامت سبع سنوات بتهم زائفة بالانتماء إلى جماعة إجرامية.