مراسلون بلا حدود تحث السلطات العراقية على حماية الصحفيين الميدانيين
المنظمة
في أعقاب مقتل صحفيَين عراقيَين وإصابة أكثر من عشرة آخرين خلال الهجوم العسكري الرامي إلى استعادة السيطرة على مدينة الموصل من قبضة تنظيم الدولة الإسلامية، تحث مراسلون بلا حدود السلطات على بذل كل الجهود الممكنة في سبيل حماية الصحفيين الميدانيين.
قُتل مصور قناة السومرية العراقية، علي ريسان (33 عاماً)، بنيران قناص من عناصر تنظيم الدولة الإسلامية يوم 22 أكتوبر/تشرين الأول، أثناء تصوير الاشتباكات الدائرة بالقرب من ناحية الشورة في منطقة القيارة، جنوب مدينة الموصل. وفي سياق متصل، أفادت قناة توركمن إيلي بأن صحفيها أحمد هاجر أوغلو (30 عاماً) لقي مصرعه في اليوم السابق على إثر إصابته بنيران داعش أثناء تغطيته الاشتباكات بين قوات البيشمركة ومقاتلي التنظيم في مدينة كركوك، التي تقع على بعد 170 كم جنوب شرق الموصل.
وفي هذا الصدد، قالت ألكسندرا الخازن، مديرة مكتب الشرق الأوسط في مراسلون بلا حدود، إن منظمتنا تستنكر مقتل الصحفيَين أثناء ممارسة عملهما الميداني. ونظراً للمخاطر التي ينطوي عليها العمل في مناطق الحرب، وخاصة في العراق، تُذكر المنظمة بمسؤولية جميع أطراف النزاع في حماية الصحفيين بموجب اتفاقيات جنيف وبروتوكولاتها الإضافية، مؤكدة في الوقت ذاته على ضرورة حرص الصحفيين الذين يغطون الاشتباكات على اتخاذ الاحتياطات اللازمة لتجنيب المصادر وحتى أطراف النزاع أية أخطار محتملة.
هذا وقد أُصيب أيضاً عشرة صحفيين أثناء تغطية الهجوم الذي شهده شمال البلاد، وفقاً لبيان صادر بتاريخ 22 أكتوبر\\تشرين الأول عن مركز مترو للدفاع عن حرية الصحافة، الذي أشار إلى إصابة صحفيَي قناة وار الكردية، ئاريان برواري وراستي خالد، والصحفي المستقل ئاري جلال، نتيجة انفجار عبوة ناسفة في منطقة بعشيقة شمال شرق الموصل. كما أفاد المصدر ذاته بإصابة كل من بشتيوان حسين، مراسل قناة زاكروس، والصحفيَين هجر برواري وياسر عبد الرحمن العاملين في قناة سبيدة، على إثر انفجارات في منطقة تللسقف (شمال الموصل) وبعشيقة. ومن جهته، أصيب مراسل قناة الفرات العراقية، أحمد الزيدي، في 20 أكتوبر\\تشرين الأول في ساقه إثر قذيفة هاون. كما أصيب الصحفي المستقل، رسول محمود، بجروح خطيرة في الموصل، جراء تساقط قذائف الهاون على المنطقة التي كان يغطي فيها الهجوم لإذاعة أوروبا الحرة، حيث تعرض لعدة كسور وهناك خطر فقدان إحدى عينيه. كما أُصيب الأمريكي بريان دينتون، مصور نيويورك تايمز، على إثر انفجار سيارة مفخخة بالقرب من مدينة برطلة، شرق الموصل.
تغطية إعلامية مبالغ فيها
تم تشكيل ما يُسمى تحالف الإعلام الوطني يوم 17 أكتوبر\\تشرين الأول تحت إشراف شبكة الإعلام العراقي، وذلك بهدف خلق استراتيجية إعلامية موحدة لدعم العملية العسكرية وتكذيب الشائعات التي من شأنها التشويش على المعارك في الجبهة، مع تقديم الدعم الفني والمادي لوسائل الإعلام المشاركة في هذه المبادرة.
ويبث تحالف الإعلام الوطني نشرة إخبارية مسائية موحدة عن عمليات تحرير الموصل عبر قنوات السومرية والعراقية وهنا بغداد والفرات والرشيد والحدث وأي.أن.بي، التي ساهمت في إحداثه. كما يتولى تنسيق الحملات التواصلية على الشبكات الاجتماعية.
وبينما تُخصص تغطية إعلامية كبيرة للهجوم العسكري الذي تشنه قوات الأمن لاسترجاع الموصل – بما في ذلك الشبكات الاجتماعية من خلال بث حي على فيسبوك - قررت سلطات كردستان العراق حظر البث المباشر على بعض وسائل الإعلام على جميع الجبهات. ففي 24 أكتوبر\\تشرين الأول، تم منع قنوات روداو وكردستان 24 و أن.آر.تي من بث صور مباشرة من الخطوط الأمامية للمعارك التي تشنها قوات الأمن الكردية والجيش العراقي ضد مقاتلي داعش، بناء على قرار من النائب العام لإقليم كردستان، وذلك لأسباب قيل إنها تتعلق بسلامة القوات من جهة وضرورة الالتزام بأخلاقيات مهنة الصحافة من جهة أخرى. واعتبر البيان الرسمي الصادر عن السلطات تغطية معارك كركوك، شمال البلاد، مثالاً للتغطية الإعلامية غير المهنية، واصفاً عمل الصحفيين في هذا الصدد على أنه يُعرض جنود القوات الكردية للخطر من خلال كشف مواقعهم عبر البث المباشر.
وعادة ما تكون وسائل الإعلام في كردستان العراق ضحية للصراع على السلطة بين مختلف الأحزاب السياسية الكردية، وهو الصراع الذي يزداد حدة في خضم الحرب ضد تنظيم الدولة. فعلى سبيل المثال، أقدمت وزارة البيشمركة في 21 أكتوبر\\تشرين الأول على منع القنوات والإذاعات التابعة لمجموعة ناليا الإعلامية (أن.آر.تي، أن.آر.تي 2، ناليا راديو) من الوصول إلى جبهة المعارك في الموصل، لتضطر إلى تغطية الصراع عن بُعد. وتعتبر أن.آر.تي أن هذا الحظر جاء على خلفية البرنامج المباشر الذي بثته القناة، حيث انتقد الضيوف، بمن فيهم برلماني سابق من حزب غوران (التغيير) المعارض، قوات البيشمركة لانعدام الوحدة في صفوفها. ووفقاً لمصادرنا، منعت السلطات أيضاً قناتي كي.إن.إن وبايام، المقربتين من المعارضة، من تغطية الاشتباكات على جبهة القتال في الموصل منذ بداية العملية العسكرية، وذلك بناءً على قرار من رئاسة إقليم كردستان، بينما يُسمح لها في المقابل بتغطية المواجهات الدائرة في المدن الخاضعة لسيطرة الحزب المنافس - الاتحاد الوطني الكردستاني.
يُذكر أن الهجوم العسكري انطلق في 17 أكتوبر\\تشرين الأول بهدف استرجاع مدينة الموصل، التي احتلها تنظيم الدولة الإسلامية في 10 يونيو\\حزيران 2014. هذا وقد نشرت مراسلون بلا حدود، بالتعاون مع مرصد الحريات الصحفية في العراق، تقريراً مشتركاً عن حالة حرية الصحافة في مدينة الموصل منذ سقوطها تحت سيطرة داعش.
ويُعد العراق من الدول الأكثر فتكاً بحياة الصحفيين في العالم، حيث يقبع في المرتبة 158 (من أصل 180 بلداً) على التصنيف العالمي لحرية الصحافة الذي نشرته مراسلون بلا حدود في وقت سابق هذا العام.
Publié le
Updated on
16.04.2019