رسالة مفتوحة من مراسلون بلا حدود إلى رئيس الوزراء الجزائري، السيد عبد المجيد تبون، بشأن حالة حرية الصحافة في البلاد
السيد عبد المجيد تبون
رئيس وزراء جمهورية الجزائر
شارع الدكتور سعدان، قصر الحكومة،
الجزائر العاصمة 16000
تونس، 22 يونيو/حزيران 2017
السيد الوزير الأول،
منذ عام 2014، تراجعت الجزائر أكثر من عشر مراتب في التصنيف العالمي لحرية الصحافة الذي أشرفت على إعداده منظمة مراسلون بلا حدود، حيث أصبحت بلادكم تحتل المركز 134 في ترتيب عام 2017. فقد كانت سنة 2016 مأساوية بالنسبة للصحافة الجزائرية، ولا سيما بعد وفاة الصحفي المواطن محمد تاملت في السجن بتاريخ 11 ديسمبر/كانون الأول الماضي، علماً أنه حوكم بتهمة إهانة مؤسسات الدولة على خلفية تعليقات نشرها في موقع فيسبوك. هذا ولم يُفتح أي تحقيق في ملابسات وفاته، بينما لم تتلقَّ أسرته أي توضيح من إدارة السجون.
وبالإضافة إلى هذه الوفاة المأساوية، شهد العام الماضي اعتقال صحفيَين محترفَين في يونيو/حزيران، ويتعلق الأمر بكل من مهدي بن عيسى ورياض حرتوف، فضلاً عن المدون حسن بوراس، الذي حُكم عليه بالسجن في نوفمبر/تشرين الثاني بتهمة إهانة قاض والقذف والتشهير. وقد أُطلق سراح الإعلاميين الثلاثة بعد احتجازهم بشكل تعسفي تماماً حيث ظلوا رهن الحبس الاحتياطي لمدة طويلة، وذلك في تعارض مع مقتضيات قانون الإجراءات الجزائية كما هو منصوص عليه في صيغته المعدلة عام 2015.
ويتجلى القاسم المشترك بين هذه المحاكمات في كونها جرت على أساس القانون الجنائي، المُسلط بشكل دائم على رقاب الصحفيين، الذين عادة ما يجدون أنفسهم متهمين إما بالقذف أو الإهانة أو التشهير. ومن هذا المنطلق، من الضروري تعديل هذا النص القانوني بما يتيح إسقاط عقوبة السجن بشكل نهائي عن المخالفات الصحفية، وذلك طبقاً لمقتضيات الدستور الجزائري والالتزامات الدولية لجمهورية الجزائر على مستوى حرية الإعلام والصحافة.
نيابة عن منظمة مراسلون بلا حدود، المعنية بالدفاع عن حرية الإعلام في جميع أنحاء العالم والتي تحظى بصفة استشارية لدى الأمم المتحدة ومنظمة اليونسكو ومجلس أوروبا والمنظمة الدولية للفرانكوفونية، أود أن أغتنم فرصة تنصيبكم يوم 24 مايو/أيار الماضي لكي أقدِّم لكم أبرز توصيات منظمتنا بشأن حرية الصحافة في الجزائر.
إن منظمة مراسلون بلا حدود قلقة أيضاً بشأن مصير المؤسسات الإعلامية الخاصة في القطاع السمعي البصري، إذ تتعرض المنابر الناقدة في هذا الصدد بشكل منتظم تقريباً للمضايقات أو حتى الإغلاق، دون أية استشارة مع الهيئة التنظيمية. ففي عام 2015، أمرت الحكومة الجزائرية بإغلاق قناتين تلفزيونيتين (الأطلس والوطن). وفي عام 2016، أدت دعوى قضائية رفعتها وزارة الاتصال إلى إلغاء إعادة بيع أسهم صحيفة الخبر إلى مجموعة نيسبرود، التابعة لشركة سيفيتال التي يملكها رجل الأعمال إيسعد ربراب.
هذا وتبث أكثر من خمسين قناة تلفزيونية برامجها من الخارج لعدم حصولها على تراخيص. وفي هذا الصدد، توصي مراسلون بلا حدود الحكومة الجزائرية بتشجيع تنظيم القطاع عبر سلطة ضبط السمعي البصري، التي يجب الحفاظ على استقلالها المالي والمعنوي، وخاصة فيما يتعلق بمنح التراخيص للقنوات التلفزيونية.
ففي التقرير المعنون الجزائر: اليد الخفية للسلطة في وسائل الإعلام الذي نشرته مراسلون بلا حدود في ديسمبر/كانون الأول 2016، أشارت المنظمة إلى أن السلطات الجزائرية تستخدم الوكالة الوطنية للنشر والإعلان كوسيلة للضغط. وينبغي على مثل هذه المؤسسات العامة مراجعة معايير توزيع الإعلانات العامة وسجلات الاستحقاقات التي تفرضها دور الطباعة على الصحف بشكل مفاجئ.
وأخيراً، تشعر منظمتنا بالقلق إزاء التهديدات التي يوجهها بعض كبار المسؤولين إلى عدد من الصحفيين، كما كان الحال في أبريل/نيسان 2017 بمناسبة نشر ميثاق يقيد حرية الصحافة. كما تحدثت مراسلون بلا حدود إلى العديد من الصحفيين ومسؤولي وسائل الإعلام الذين أعربوا عن قلقهم بشأن الرقابة التي تُفرض على الإنترنت بشكل متزايد. وفي هذا الصدد، نعتبر من الضروري احترام حرية الصحفيين ووسائل الإعلام في نقل الأخبار عبر شبكة الإنترنت، وذلك طبقاً لأحكام الفصل 50 من دستور مارس 2016، الذي يكفل حرية الصحافة المكتوبة والمرئية والمسموعة وعلى شبكات التواصل، دون أي شكل من أشكال الرقابة المسبقة.
وإذ نُعرب لكم عن شكرنا مسبقاً على ما ستولونه من اهتمام لرسالتنا هذه، تفضلوا، سيدي الوزير الأول، بقبول أسمى آيات التقدير والاحترام.
كريستوف ديلوار
الأمين العام