حالة نادية دام : التحرش الإلكتروني، وسيلة ضغط جديدة لإسكات الصحفيين
تنظم مراسلون بلا حدود إلى حملة التضامن مع الصحفية نادية دام، التي تواجه تهديدات خطيرة على الإنترنت بعد تنديدها باستخدام أساليب الترول في تقرير بُث على إذاعة أوروب1. وفي هذا الصدد، تدين المنظمة ظاهرة التحرش الإلكتروني التي تزايدت وتيرتها بشكل كثيف، حيث باتت تمثل وسيلة ضغط تهدف إلى إسكات الصحفيين.
تتعدى تبعات التحرش الإلكتروني حدود العالم الافتراضي. فبعد تعرضها لحملة مضايقات عبر الإنترنت، قدمت نادية دام شكوى يوم الخميس 2 نوفمبر/تشرين الثاني ضد عدد من الأشخاص بتهمة التهديد بارتكاب جريمة. ففي الليلة السابقة، حوالي الساعة الثانية صباحاً، سمعت دقات قوية على باب منزلها.
وبالنسبة لصحفية راديو أوروب1، التي تعمل أيضاً في إعداد تقارير برنامج 28 دقيقة على قناة آرتي، ليس من الصعب الربط بين هذه الواقعة وما تعرضت له من تهديدات بالقتل والاغتصاب والعنف، مشوبة أحياناً بعبارات عنصرية، وذلك على خلفية الريبورتاج الإذاعي الذي نددت فيه بالمتصيدين المندسين الذين شنوا حملة شعواء ضد تطبيق مخصص للنساء ضحايا التحرش في الشوارع.
وأوضحت جريدة ليبيراسيون في هذا الصدد أن الصحفية لاحظت محاولات لإختراق بريدها الإلكتروني وحساباتها الشخصية على الشبكات الاجتماعية، ناهيك عن تلقيها رسائل إلكترونية تخبرها بتسجيلها في مواقع إباحية وأخرى حول الاستغلال الجنسي للأطفال، مع الإشارة إلى عنوان منزلها الشخصي وذكر اسم ابنتها. فقد وقعت الصحفية الفرنسية ضحية لظاهرة يُطلق عليها اسم دوكسينغ، وهي سرقة بيانات شخص معين لغرض التحرش به، علماً أن أصل هذه الممارسة يعود إلى مستخدمي منتدى 18-25 عاماً على موقع JeuxVideo.com، المعروف بأسلوبه المبغض للمرأة والذي تنهال عليه الانتقادات لعدم اعتدال خطابه.
الصحفيون، الضحية المفضلة للمتصيدين الإلكترونيين
تنضم منظمة مراسلون بلا حدود إلى رسالة التضامن التي نشرتها ليبيراسيون، معربة في الوقت ذاته عن قلقها العميق إزاء تنامي ظاهرة التحرش الإلكتروني - في فرنسا وعلى الصعيد الدولي أيضاً – باعتبارها وسيلة ضغط لإسكات الصحفيين. وفي هذا الصدد، قالت إلودي فيال، مسؤولة قسم الصحافة والتكنولوجيا في منظمة مراسلون بلا حدود، إن هؤلاء المتصيدين الإلكترونيين، الذين يستغلون انتشار المحتويات على نطاق واسع في الشبكات الاجتماعية، يشكلون اليوم تهديداً للصحفيين، وهو تهديد يقتضي منا أن نأخذه على محمل الجد، موضحة أن التحرش الإلكتروني يستهدف النساء الصحفيات بالأساس وكذلك الصحفيين والصحفيات الذين ينجزون تحقيقات في ظاهرة التصيد عبر الإنترنت ويبحثون في خبايا صناعة الترولينغ وشبكات المتحرشين الإلكترونيين ومن يقف وراءها.
هذا وقد شمل التحرش نحو ثلثي الصحفيات عبر العالم، وفقاً لتقرير صادر عن المؤسسة الدولية للإعلام النسائي، علماً أن ربع تلك المضايقات يجري على شبكة الإنترنت.
ويستهدف التحرش عبر الإنترنت العديد من الصحفيات في شتى أنحاء العالم. ففي الهند، تتعرض الصحفية رنا أيوب، صاحبة كتاب غوجارات فايلز القيِّم، للتهديد من الأطراف التي تحاول إسكاتها. وفي الفلبين، تلقت ماريا روسا، مديرة موقع رابلير، أكثر من 80 تهديداً بالقتل، معظمها على الإنترنت، وذلك في علاقة بتحقيقاتها في سياسات الرئيس رودريغو دوتيرت. وقد تبين من خلال عناوين بروتوكول الإنترنت أن تلك التهديدات صادرة عن بعض أقارب الرئيس.
وفي سبتمبر/أيلول الماضي، أدانت مراسلون بلا حدود أيضاً التهديدات الموجهة ضد لورا كوينسبرغ - أول امرأة تدير قسم السياسة في بي بي سي - حيث أصبحت بحاجة إلى خدمة الحراسة الشخصية للقيام بعملها، وهي التي تتعرض منذ 2016 لمضايقات وتهديدات عبر الإنترنت من موالين لحزب العمال، الذين يتهمونها بالانحياز في تغطية الحملات الانتخابية.
يُذكر أن فرنسا تحتل المرتبة 39 (من أصل 180 دولة) على جدول التصنيف العالمي لحرية الصحافة، الذي نشرته مراسلون بلا حدود في وقت سابق هذا العام.