تصعيد بوليسي
مراسلون بلا حدود تطالب بالوقوف ضد الإفلات من العقاب أمام تنامي عنف أفراد الشرطة
تعرب مراسلون بلا حدود عن بالغ قلقها إزاء الاعتداءات التي تعرض لها الصحفيون على أيدي قوات الأمن يوم الثلاثاء 27 مايو\\أيار أمام المحكمة الابتدائية بالقصرين حيث أقيمت جلسة محاكمة عصام العمري، المتهم بإضرام النار في مركز للشرطة خلال ثورة 2011. فعلى الرغم من التصريحات الصادرة مؤخراً عن وزير الداخلية، لطفي بن جدو، ونشر مذكرات داخلية تطالب أفراد الشرطة باحترام عمل الصحفيين، فإن مراسلون بلا حدود منزعجة حيال اندلاع موجة جديدة من العنف البوليسي حيث لا تتوانى قوات الأمن في مهاجمة الصحفيين التونسيين.
وفي بيان لها، قالت منظمة مراسلون بلا حدود إن سياق المرحلة الانتقالية المتوترة والتعارض التام بين وعود وزير الداخلية وتصرفات أفراد الشرطة على الميدان ينذر بالخطر ويبعث على القلق، مضيفة أن شعور الإفلات من العقاب في صفوف قوات الأمن لن يتبدد إلا إذا أدانت العدالة تلك الانحرافات، مؤكدة أن إطلاق الوعود لم يعد كافياً، بل أصبح من الواجب فرض عقوبات ردعية لتكون عبرة لمن لا يعتبر.
فأثناء محاكمة عصام العمري، كان تصرف قائد شرطة منطقة القصرين، حمزة دردوري، ينطوي على عدوانية مفرطة، حيث بلغ به الأمر حد تهديد أحد المحامين بالقتل على مرأى ومسمع الحاضرين في قاعة المحكمة. وبحماسة مبالغ فيها، هاجم أفراد الشرطة العديد من النشطاء والصحفيين الذين أتوا لتغطية الأحداث أمام محكمة القصرين.
وكان من بين الضحايا صحفية إذاعة تونس الدولية، فايزة الماجري، التي انهال عليها ضابط شرطة بالضرب قبل أن يلقيها أرضاً بينما كانت تحاول التدخل لفك الشجار الذي نشب بينه وبين المدون والناشط القصريني، ربيع غرسلي. وعلى إثر هذا الاعتداء، تعاني فايزة الماجري من إصابة في طبلة الأذن، بينما تعرض ربيع غرسلي (الذي كان قد دعا المجتمع المدني لدعم عصام العمري في محاكمته) للضرب المبرح مما ترتب عنه تورم في الوجه كما فقد وعيه من شدة الألم ليُنقل على الفور إلى مستشفى القصرين حيث ينتظر أن يخضع للفحص عبر الماسح الضوئي. وعلاوة على ذلك، دُمِّرت كاميرته خلال الهجوم، علماً أن قيمتها تُقدر بحوالي 8.000 دينار تونسي.
كما انهالت الشرطة ضرباً بالهراوات على إيزر مناصري، المصور الصحفي لأسبوعية ريالتي، بينما كان يقف أمام مدخل المحكمة في انتظار نهاية الجلسة. أما سندس زروقي, مديرة الموقع الإلكتروني لتلفزيون اسطرلاب, فقد تم معاملتها بالعنف و شتمها داخل المحكمة. في الوقت نفسه, دفع أفراد الشرطة بعنف أروى بركات, زميلاتها, ومنعوها من استخدام الكاميرا.
وقبل بضعة أيام، وبالضبط في 17 مايو\\أيار، بينما كانت عبير السعيدي، صحفية راديو توانسة، تجري تحقيقاً عن إطلاق سراح المدير السابق للحرس الرئاسي في عهد زين العابدين بن علي، اعتقلتها قوات الأمن وسط تونس العاصمة قبل أن تحيلها إلى مركز الشرطة في باب سعدون حيث تم استجوابها لعدة ساعات دون أي سبب شرعي.
وفي اليوم نفسه، خلال مظاهرة لدعم عزيز عمامي قبالة مقر وزارة الداخلية، تعرض جلال فرجاني، مصور جريدتي وقائع والشروق، لاعتداء عنيف حيث قام شرطي بإلقائه على الأرض قبل أن ينهال ليه ضرباً ثم يكسر كاميرته وبقية معداته، علماً أن الأمن الوطني أحال شرطيين اثنين إلى النيابة العامة التي استمعت لأقوالهما يوم 20 مايو\\أيار.
وستتابع مراسلون بلا حدود هذه القضية باهتمام كبير، إذ ستعيش البلاد حدثاً غير مسبوق في حال إدانة الجاني. كما تدعو المنظمة جهاز القضاء التونسي إلى التحلي بالحزم في مواجهة موجة العنف هذه، مذكرة أن المادة 14 من المرسوم بقانون رقم 115 لسنة 2011 تعاقب كل من أهان صحفيا أو تعدى عليه بالقول أو الإشارة أو الفعل أو التهديد.
هذا وسيَمثُل وزير الداخلية، لطفي بن جدو، ووزير العدل، حافظ بن صلاح، أمام المجلس الوطني التأسيسي يوم 3 يونيو\\حزيران لمعالجة قضية عنف الشرطة. وفي هذا الصدد، تود مراسلون بلا حدود تذكير المجلس بأن لجنة التحقيق في أعمال العنف لم تنشر بعد نتائج جلستها المنعقدة يوم 9 أبريل\\نيسان 2012. كما تحث المنظمة أعضاء المجلس على التحلي بالعزيمة في سعيهم إلى محاربة هذه الانتهاكات والشروع في إصلاحات شاملة لجهاز الأمن