إدانات جائرة من تدبير السلطات المصرية
تعكس الأحكام الصادرة في حق صحفيي الجزيرة الثلاثة، بيتر غريست ومحمد عادل فهمي ومحمد باهر، بالسجن لمدة تتراوح بين 7 و10 سنوات، مدى الانحراف الشمولي الذي يتخبط فيه النظام المصري. قال كريستوف ديلوار، الأمين العام لمنظمة مراسلون بلا حدود، إن السلطات المصرية لا تكتفي بتجريم كل شكل من أشكال المعارضة السياسية، بل إنها تواصل سياسة تكميم الأصوات الإعلامية الراغبة في إعطاء صورة مختلفة عن الواقع الذي ترسمه الدوائر الرسمية، مذكراً أن هذه الاعتقالات التعسفية والإدانات الجائرة تتعارض مع أحكام الدستور الجديد، ولا سيما المادة 71. فبعد ما يزيد عن 160 يوماً من الاعتقال، حُكم على مدير مكتب الجزيرة في القاهرة محمد عادل فهمي، الذي يحمل الجنسيتين الكندية والمصرية، والصحفي الأسترالي بيتر غريست، بالسجن لمدة سبع سنوات بتهمة نشر أخبار كاذبة لدعم الجماعة الإسلامية والحط من صورة مصر. أما المصري باهر محمد، فقد أدين بنفس العقوبة، إضافة إلى ثلاث سنوات أخرى، لترتفع بذلك مدة حبسه إلى عشرة أعوام. ومن بين بقية المتهمين الستة المعتقلين، حُكم على أربعة بسبع سنوات سجناً بينما تمت تبرئة اثنين. هذا وقد حوكم غيابياً 11 صحفياً في المجموع، من ضمنهم ثلاثة أجانب (بريطانيان وهولندية)، حيث أدينوا جميعاً بعشر سنوات سجناً نافذاً. يُذكر أن 16 مواطناً مصرياً كانوا من بين المحاكمين في هذه القضية، حيث اتُهموا بالانتماء إلى “منظمة إرهابية”(الإخوان المسلمين) ومحاولة الإساءة إلى سمعة مصر. أما الأجانب الأربعة فقد اتُهموا بنشر أخبار كاذبة في سبيل دعم الجماعة. حيثيات المحاكمة رغم اعتماد الدستور الجديد، الذي يكفل حرية الرأي والتعبير (المادة 65) وحرية الصحافة (المادة 70) واستقلالية وسائل الإعلام (المادة 72)، فإن ذلك لم يحل دون ملاحقة الفاعلين الإعلاميين وتعرضهم لسلسلة من الاعتقالات التعسفية. فمنذ إقالة الرئيس مرسي في يوليو\\تموز 2013، شرعت الحكومة الحالية في عملية اضطهاد منهجي لوسائل الإعلام والعاملين في القطاع، ولاسيما أولئك الذين تعتبرهم تابعين لجماعة الإخوان المسلمين أو مقربين منها. وفي هذا الصدد، أصبحت الجزيرة هدفاً رئيسياً من أهداف السلطات المصرية في إطار مطاردة الإخوان، حيث أُغلقت مكاتب القناة في شتى أنحاء البلاد واعتُقل صحفيوها بشكل تعسفي. بيد أن هذه الحملة الشرسة بلغت مستويات غير مسبوقة عندما قررت الحكومة في 25 ديسمبر\\كانون الأول 2013 إدراج جماعة الإخوان المسلمين على قائمة المنظمات الإرهابية، حيث أصبح ممنوعاً على جميع الصحفيين حيازة أو توزيع منشورات أو تسجيلات تحمل اسم الإخوان المسلمين. كما أن الاستقطاب الشديد الذي يطغى على وسائل الإعلام المصرية (سواء المؤيدة لمرسي أو المناهضة له) يزيد من حدة الاستقطاب المستشري بشكل عام في المجتمع المصري ككل. فكما تبين خلال الحملة الانتخابية، لا تتوانى العديد من المنابر في الإفصاح علناً عن دعمها للنظام الحاكم، وهي بالتالي لا تضطلع بدورها المتمثل في مراقبة السلطات وضمان الضوابط والموازين. ومنذ 3 يوليو\\تموز 2013، قُتل ستة إعلاميين بالرصاص الحي، حيث كان معظمهم يغطون المسيرات المؤيدة لمرسي. وحسب إحصائيات لجنة حماية الصحفيين، سُجِّلت أكثر من 65 حالة إيقاف في صفوف الصحفيين، بين معتقلين ومحتجزين خلال الفترة الممتدة من 3 يوليو\\تموز 2013 و30 أبريل\\نيسان 2014. يُذكر أن منظمة مراسلون بلا وجهت رسالة مفتوحة إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي، حيث تدعوه إلى الحرص على ضمان حرية الصحافة وحرية الإعلام من جهة، وإطلاق سراح جميع الفاعلين الإعلاميين المعتقلين حالياً، من جهة أخرى. مصر تقبع في المرتبة 159 على جدول التصنيف العالمي لحرية الصحافة لعام 2014 الذي نشرته مراسلون بلا حدود مطلع السنة الجارية |